للحروب مفاهيمها الخاصة ومفردات جديدة تلد من رحمها, تفرض على أرض الواقع, برضا المواطنين أم لا.. تتناسب مع الحالة الأخلاقية والإنسانية لهم أم لا! وخير مثال مفرزات الحرب الإرهابية على سورية والتي نعيش تفاصيلها الدقيقة لحظة بلحظة..!؟
لم يعد الحديث عن الواقع المعيشي الذي نعبره بالأمر العادي، كثر الحديث عن الغلاء وعن الارتفاع الجنوني الذي لامبرر له أبداً، كل يرمي بما لديه من أسباب، هذا يرى أن الرقابة غائبة أو ضعيفة، بل يذهب آخرون إلى القول إنها معدومة تماماً .
دأبت الكثير من وسائل الإعلام الغربية على تزييف الوقائع ونقل المعلومات المغلوطة والتضليلية حول الأحداث في سورية ومنها الإعلام الفرنسي الذي كان ينقل المعلومات من مصادر غير موثوقة وتحريضية وتمييزية وذلك في إطار الدعاية الإعلامية الغربية المعادية بهدف النيل من سورية وشعبها.
منذ أن عرف العالم مصطلح "العولمة" وشعوبه تدرك جيداً أن "الليبراليين الجدد" في أميركا والغرب لم يكونوا يهدفون - كما زعموا وروّجوا مراراً- إلى خدمة الشعوب ورفاه الفرد عبر تحقيق سرعة تبادل السلع والخدمات بين الدول، التي باتت متاحة كثيراً بفضل الإلغاء التدريجي للحواجز التجارية في إطار اتفاقية (الغات) واتفاقية منظمة التجارة العالمية
من أهم المصطلحات المنتشرة بعد انتهاء الحرب الباردة كان مصطلح الليبرالية والذي حاول البعض كأدوات للمجتمع الإمبريالي الساعي لقيادة العالم عبر تفوقه وإعادته السيطرة والاستعلاء والاستلاب والاستعباد بنموذج السادة القلة والعبيد وبأي وسيلة كانت ولتترافق النيات بمصطلحات رنانة ملطفة وجاعلة الكف يأتي على الوجه بهدوء كالديمقراطية وحقوق الإنسان والتي تعمل القوى المسيطرة لتعميمها وعولمتها لتسود العالم
نشر موقع “الدراسات الإستراتيجية العالمي” مقالاً تحليلياً عن “الليبرالية الجديدة” جاء فيه:
يعود ظهور “الليبرالية الجديدة” كتعريف لمجموعة من المعتقدات الاقتصادية إلى الاقتصادي الألماني ألكسندر روستوف عام 1938 والذي كان واحد من مجموعة صغيرة من المفكرين الأوروبيين والأمريكيين الذين بدؤوا بالتنظير حول “ضرورة إعادة تعريف القيم الليبرالية” في إطار التساؤلات عقب الأزمة الاقتصادية في ثلاثينيات القرن العشرين، وبالرغم من خلفياتهم الفكرية المختلفة إلا أن الليبراليين الأوائل اشتركوا في مقاومة صعود الأحزاب والفكر الجمعي الذي تجذر عبر أطياف الفكر السياسي مثل الاشتراكية، لقد ادّعوا بأنهم “يسعون إلى إعلاء قيم المجتمع والجماعة والتخطيط العقلاني”، الأمر الذي أشعر “الليبراليين الجدد” بأنه لن يقود إلا إلى الشمولية والعبودية، فما هي “الليبرالية الجديدة”؟
ربما يكون الرئيس الأميركي بيل كلينتون هو الذي برر ذات مرة تدميره لمنطقة البلقان بحجة أن التدخل الليبرالي لإحداث تغيير في النظام أمر جيد، لأن "الديمقراطيات لا تبدأ الحروب مع الديمقراطيات الأخرى"، أو ربما كان جورج دبليو بوش يتحدث عن العراق أو حتى باراك أوباما يبرر تدميره لليبيا أو تدخلاته المتعلقة بسورية وأوكرانيا.
إذا كانت الليبرالية الكلاسيكية في أبسط صورها، هي ميلٌ من التفكير والممارسة يؤكدان سيادة العقل ودوره، وقوة الإرادة الإنسانية وحرية الفرد، والسعي نحو الحقيقة من أجلِ تحسين المحيط الاجتماعي، وإعادة تشكيله عبر المعرفة والتكنولوجيا، والتجربة الإنسانية المتراكمة بما يخدم حرية الإنسان وعدالته ومساواته
في كتابه “موجز تاريخي لليبرالية الجديدة”, يُعرِّف المنظر البريطاني ديفيد هارفي “النيوليبرالية” بأنها “نظرية في ممارسات الاقتصاد السياسي، تفترض أن أفضل وسيلة لتعزيز سعادة الإنسان ورخائه تكمن في إطلاق حريات الفرد ومهاراته في القيام بمشاريعه وأعماله، ضمن إطار مؤسساتي يتصف بحقوق قوية للملكية الخاصة والأسواق والتجارة الحرة.”
تقوم فكرة الليبرالية على الحرية الفردية مثل حرية التصرف والتفكير والتعبير واحترام كرامة الإنسان والحرية الشخصية وغيرها ، لكن الغرب قام بتشويه هذا الفكر بالليبرالية الحديثة الموجهة خاصة الى الشرق ليخترق الحالة الأخلاقية والروحانية التي ماتزال المجتمعات الشرقية تعتز بها وتتعامل فيها ويشوش عقول الشباب بمصطلحات وتسويق أفكار مسمومة لنشر الفوضى والانفلات والتخلي عن القيم
سقطت استعراضات الوجاهة والأناقة والتشاوف الزائل، بل سقطت ورقة التوت الأخيرة عن عورة تنظيم “الإخوان المسلمين” وذراعه السياسية حزب “العدالة والتنمية” سواء في تركيا أو تونس أو بعض المشيخات
في كل يوم جديد يؤكد أهلنا في الجولان السوري المحتل أنهم على عهدهم باقون متمسكون بالهوية الوطنية السورية وأن الجولان كان وسيبقى عربياً سورياً مؤكدين أن قرار كيان الاحتلال الإسرائيلي المشؤوم بضم الجولان قبل 39 عاماً لاغ وباطل وسيبقى حبراً على ورق.
بات واضحاً وجلياً، حتى للعامة، أن الحضارة الغربية المادية التي امتلكت عقول الشباب وزمام السلطة والقوة والسيطرة والاحتلال والهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية والإعلامية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الأمس القريب، على مستوى العالم، قد بدأت مرحلة التفسخ والانحدار والسقوط ووصلت إلى حافة الانهيار
تأبى الذاكرة أن تنسى تلك الجريمة الكبرى التي قامت بها تركيا العثمانية في العام 1939 بالاتفاق مع الاحتلالين الفرنسي والبريطاني آنذاك على ضم لواء إسكندرون إليها وفصله عن الوطن الأم سورية، وهي جريمة تضاف إلى سلسلة الجرائم الكثيرة التي قامت بها تلك الدول الاستعمارية والتي لا تزال متواصلة إلى اليوم بحق الشعب السوري وكافة شعوب المنطقة.
81 عاماً مضت على جريمة سلخ لواء اسكندرون عن سورية الأم وما زالت تلك الذكرى المشؤومة لسلب اللواء والتي تصادف غداً ماثلة في وجدان السوريين المتمسكين بإعادة حقوقهم واسترداد كل شبر من تراب أرضهم مهما طال الزمن.