مهرجانات تسوق وبازارات وفعاليات مختلفة بدأ الإعلان عن إقامتها بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، ولعل اللافت في كل ما أقيم وسيقام من مثل تلك المهرجانات وأسواق التسوق هو إجماع المنظمين والقائمين عليها بأنهم يسعون من خلالها إلى (كسر حلقات الوساطة التجارية) و(التخفيف عن الفئات الفقيرة) و(الوقوف إلى جانب المستهلك) في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، ومساعدته لمواجهة موجات الغلاء المستعرة التي لم تعد تهدأ ليلاً ولا نهاراً…!!
ومن يسمع مثل هذه التصريحات والعبارات (الإنسانية) الرنانة يعتقد أن بعض الموردين والتجار والصناعيين قد رق قلبهم وعادوا إلى رشدهم واقتنعوا بأن عليهم واجباً ومسؤولية اجتماعية تجاه البلد الذي احتضنهم ووفر لهم الظروف المواتية لتنمية أعمالهم وتجارتهم والنهوض بثروات كبيرة جنوها من خلال تلك الأعمال..
لكن كل هذا سيتبدد بمجرد دخول المستهلك إلى تلك الأسواق والقيام بجولة على السلع والأسعار المعروضة في بعض تلك المهرجانات والبازارات لأنه سيتأكد، بما لا يدع مجالاً للشك، بأن أحداً من هؤلاء لا يأبه لآلامه وضيق العيش الذي يكابده، وقد يصل إلى نتيجة أن من يتحكم بالأسعار ويرفعها على هواه، هم نفسهم الذين يتشدقون بآلامه ويتوارون خلف معاناته، ويتحدثون في كل مناسبة عن حرصهم على دعم المواطن ومد يد العون له ومساعدة الأسر الفقيرة التي لا تقوى على مواجهة ما يحدث في الأسواق من غلاء يراه بلا حدود..
إن حالات الاستغلال والتهافت على رفع الأسعار باتت موضة قديمة لم تعد تفاجئ المستهلك لأنه خبر المتحكمين بالأسواق والمحتكرين لبعض السلع والمواد الأساسية، وأدرك أنهم يساهمون بفقره وعوزه، وأصبح قادراً على معرفة نيات وخبايا هؤلاء، وانتهازهم لأي فرصة أو حدث أو ربما واقعة بسيطة تحدث ليستخدموها كشماعة وذريعة يبررون من خلالها رفع أسعار بضائعهم وسلعهم..
لكن حتى الآن ورغم تفهم المستهلك لكل ما سبق، إلا أنه لم يفهم حتى الآن لماذا لم تتمكن دوائر الرقابة ومؤسساتها والعاملون فيها من مواجهة ما يحدث في الأسواق، ولماذا يترك الحبل على الغارب دون أن يجد من يشده أو يوقفه عند حده، علماً أن قانون حماية المستهلك الجديد يتيح الإمكانية لهم، فيما لو طبق بمواده ونصوصه، أن يردع الكثير ممن تسول لهم أنفسهم استغلال المستهلكين والتضييق عليهم في لقمة عيشهم..!!
محمود ديبو - صحيفة الثورة أون لاين