الجـــولان عائـــــــد إلى حضن الوطـــن بكل الســــبل والوســــائل المتــاحة

2019-08-31 11:34:50

الأطماع الصهيونيه في الجولان ليست وليدة الاحتلال الصهيوني عام 1967 وإنما الاحتلال بحد ذاته هو وسيلة لتحقيق تلك الأطماع، إذ إن المشروع الصهيوني الهادف لإقامة (إسرائيل الكبرى) يضم الجولان التي تقع بين ضفتي المشروع من النيل إلى الفرات، ففكرة احتلال الجولان والاستيطان اليهودي فيه تعود إلى ما قبل تبلور مشروع الصهيونية السياسية في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في مدينة (بال) السويسرية عام 1897، والذي أقر إقامة ما سمي بـ (الوطن القومي اليهودي) في فلسطين، فثمة دلائل كثيرة تؤكد أن احتلال الجولان لم يغب عن الفكر الصهيوني وكان بمثابة الحلم الحاضر الذي اشتغلت عليه هذه الحركة بطرق شتى وما توقيع الرئيس الأميركي واعترافه بما أسماه سيادة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان، إلا تتويجاً لهذه المحاولات التي بدأت منذ عام 1771.
شكل الجولان هدفاً لأطماع قيادة الحركة الصهيونية منذ منتصف القرن التاسع عشر وكانت المشاريع الرئيسية للاستعمار بفلسطين ووضع موطئ قدم بالجولان عبر شركات بريطانية.
ورسمت الحركة الصهيونية خرائط للجولان حملت بعداً سياسياً ودينياً، حددت من خلالها مواقع لمصادر المياه ومواقع أثرية زعمت أنها تشتمل على رموز يهودية وتوراتية.
وفي بحثه حول التداعيات العسكرية والدبلوماسية للانسحاب الإسرائيلي من الجولان والذي أعده الرئيس السابق لما يسمى المجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند أوضح أنه ورغم التأكيد من قبل العديد من الخبراء العسكريين أن الأهمية الاستراتيجية والعسكرية والأمنية للجولان قد انتهت إثر التطور التكنولوجي وحرب الصواريخ إلا أن تل أبيب تبتدع التبريرات للبقاء في الجولان، ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن التساؤلات الاستراتيجية والسياسية التي ركزت عليها تل أبيب عقب مؤتمر مدريد عام 1991 وفق مبدأ (الأرض مقابل السلام) لم تعد بذات الأهمية.
وأكد أن المتغيرات فرضت تعقيدات على أمن إسرائيل المزعوم إثر تعزيز التحالف بين سورية وإيران وحزب الله وإحداث متغيرات في مفهوم الخطر الأمني الذي تشكله سورية بالقدرات الكامنة لديها بضرب العمق الإسرائيلي بالصواريخ، بعد أن اقتصر هذا الخطر في السابق على إمكانية قيام الجيش العربي السوري بعمليات حربية برية لاستعادة الجولان.
وقد تكشف خلال مسار المفاوضات أن الأطماع الاقتصادية والثروات الطبيعية ومصادر المياه تتساوى في أهميتها مع الاعتبارات الأمنية والعسكرية لتل أبيب للاحتفاظ بموطئ قدم بالجولان.
والحقيقة أنه ما إن احتلت (إسرائيل) بالخامس من حزيران 1967 الجولان حتى أقدمت وبشكل متسارع عبر عمليات حربية على تهجير السكان قسراً وتدمير قراهم ومزارعهم وذلك وفقاً لفكرة السيطرة على الأرض دون السكان.
وقد مست عمليات التهجير الأغلبية العظمى من السكان الذين بلغ تعدادهم في ذلك الحين نحو 140 ألف نسمة ويقدر عددهم حالياً بنحو نصف مليون يسكنون دمشق وريف دمشق وحمص ودرعا، وعمدت قوات الاحتلال الإسرائيلية على تنفيذ مخطط التهجير وهدم القرى والمزارع وأبقت فقط على ستة آلاف مواطن وعددهم حالياً نحو ٢٥ ألف يسكنون خمس قرى مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا والغجر وعين قنية.
وتبلغ مساحة الجولان المحتل نحو 1200 كلم2 وتسيطر (إسرائيل) عسكرياً واقتصادياً وزراعياً على 98 % من الأرض وما تبقى يستعمله أهلنا للزراعة والبناء.

 

تغيير جذري
وعمل الاحتلال الإسرائيلي على تغيير معالم الجغرافيا والمكان وطمس ما تبقى من عقارات وقرى مدمرة لاستخدامها للأغراض العسكرية ووضع اليد على الآثار وتهويدها.
كما تجسد شكل الاحتلال مع تغيير معالم المكان الحضارية والعمرانية عبر إحداث تغيير جذري على الواقع الديمغرافي الذي كان قائماً قبل حرب 1967 حيث فرضت إسرائيل وبالتزامن مع عمليات التهجير والتدمير والحكم العسكري على الجولان أحكاماً قاسية بحق من عاد ليُرحّل بعدها لسورية، وأقامت ستين موقعاً عسكرياً على أراضي القرى المدمرة التي زرعتها بالألغام منعاً لعودة سكانها ومسطحات تم استعمالها لأغراض الزراعة وتربية الأبقار، كما حظرت على من تبقى من سكان دخول القرى المدمرة ومسطحات أراضيها ووظفتها سلطات الاحتلال لتدريبات جيشها، وإلى جانب هذه الإجراءات باشرت إسرائيل بمشروعها الاستيطاني فشيدت عشرات المزارع الاستيطانية والتجمعات السكنية لليهود ليبلغ تعدادها اليوم ٣٧ مستوطنة يقطنها ٢٥ ألف مستوطن، وستين موقعاً عسكرياً أقيمت على أراضي القرى المدمرة التي زرعتها بالألغام بهدف منع العرب من العودة إليها أو استعمالها لأغراض الزراعة وتربية المواشي.
وتواصل إسرائيل مخططاتها لجذب اليهود وأغلبيتهم من القادمين الجدد للاستيطان بالجولان عبر توفير أراضي وأملاك السوريين بالمجان ومنح الامتيازات والتسهيلات المالية والإعفاء الضريبي وتقديم القروض والدعم المالي بتمويل ما قيمته 30 % من حجم المشاريع الصناعية والسياحية والزراعية لكل مستوطن ومستثمر.
واقتصر وجود الاحتلال بالجولان بداية على الحضور العسكري لكن سرعان ما برز الحضور الاقتصادي بعد الاستيلاء على الأراضي ومصادر المياه والموارد الطبيعية، حيث تسلب إسرائيل معظم مياه الجولان لتوفرها لاحتياجاتها وللاستهلاك المنزلي والزراعي والصناعي كما أن السوق الإسرائيلي يعتمد على أراضي وموارد الجولان لتوفير نحو 70 % من المحاصيل الزراعية والتفاح والكرز والمواد الغذائية واللحوم والحليب.

دعم الدولة مستمر لأبناء الجولان
عن الدعم الذي تقدمه الدولة لسكان الجولان قال محافظ القنيطرة المهندس همام دبيات أنه رغم المؤامرة الكونية التي تستهدف وطننا والمواقف الوطنية والقومية المقاومة ومحاولات الاحتلال الاسرائيلي اليائسة لفك الارتباط الإنساني والقانوني بين أبناء الوطن الواحد في الجولان والوطن الأم إلا أن سورية قيادة وشعباً اعتبرت الجولان المحتل وأبناءه جزءاً لا يتجزأ عنها والإجراءات التي يقوم بها الكيان الصهيوني لسلخ الجولان عن الوطن الأم لن يزيدنا إلا عزيمة وإصراراً على الوقوف في وجه المتآمرين مخلصين لكرامة وعزة الوطن وتاريخه النضالي المقاوم ومواصلة درب الصمود والنضال بكل الوسائل المتاحة لتثبيت الانتماء سلوكاً وأداء غير آبهين بهمجية المحتل وغطرسته مهما بلغت التضحيات.
واشار أن أبناء الجولان المحتل ومنذ الأيام الأولى للاحتلال الإسرائيلي حسموا مصيرهم بالبقاء على تواصل مع الوطن الأم سورية وتعزيز الانتماء الوطني والقومي، وتجلى ذلك في العصيان المدني والإضراب الشامل في نيسان 1982 الذي انتهى في تموز من العام نفسه بالتمرد على حكومة الاحتلال التي حاولت فرض الجنسية الإسرائيلية عليهم.
ودفع أبناء الجولان البالغ تعدادهم اليوم نحو 25 ألفاً نتيجة لرفضهم الجنسية والولاء لإسرائيل ثمن هذا الموقف الجماعي الرافض للتعامل مع الاحتلال، بالانتقاص من حقوقهم وحرمانهم من مقدرات الجولان وموارده الطبيعية ومنع لم شمل العائلات أو الزواج أو الدراسة بالجامعات، كما منعت إسرائيل عن السكان الزيارات لسورية حتى تشرين الأول 1991 وسمحت بالزيارات لأربعة أيام فقط لرجال الدين لإقامة الشعائر الدينية والحالات الاستثنائية .
وأشار محافظ القنيطرة إلى أن ما تقدمه الدولة لأهلنا في الجولان المحتل واجب وليس منّة ومن أهمها منح الهوية السورية والرقم الوطني وإصدار المرسوم رقم /١٧/ لعام ٢٠١٠ والقاضي باعتبار كل عامل أو موظف أو متقاعد أو وكيل أو مستخدم أو مؤقت أو مكلف بساعات لدى الجهات العامة من المواطنين السوريين عاد الجولان العربي السوري المحتل عن طريق الصليب الأحمر الدولي بقصد الإقامة الدائمة في الجولان السوري أو عن طريق الجهات الرسمية المختصة قائماً على رأس عمله ولحظ أشادة مراكز صحية وثقافية في الخطة الاستثمارية السنوية لمحافظة القنيطرة ولكن بسبب رفض وتعنت العدو الصهيوني من إشادة تلك المراكز وكذلك من أولويات الحكومة متابعة أوضاع العمال في الجولان المحتل مع الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة /منظمة العمل الدولية/ وفضح ممارسات العدو الصهيوني، إضافة إلى دعم الأسرى في سجون العدو الصهيوني ومطالبة المنظمات المعية بإطلاق سراح جميع الأسرى وعلى رأسهم عميد الأسرى السوريين العرب صدقي المقت، ولا ننسى استقبال الحالات الإنسانية والمرضى ومعالجتهم مجاناً في مشافي الدولة.
واعتبر دبيات أن عبور طلبة الجولان السوري المحتل إلى الوطن الأم سورية للالتحاق بجامعاتها ومعاهدها من أبرز عمليات التواصل التي يبتكرها الأهل الصامدون في قرانا المحتلة مع ذويهم وأبناء وطنهم والمؤسسات التعليمية والرسمية وخاصة أن الكيان الصهيوني ومنذ العام 1967 واحتلاله للجولان وحتى يومنا يحرم وبشكل تعسفي وإرهابي من لقاء العائلات الجولانية الواحدة والمشتتة على طرفي شريط الاحتلال الزائل سواء تلك المتشبثة بالأرض في قرى الجولان أم تلك المقيمة في تجمعات النازحين بالمحافظات السورية مخالفاً بذلك وبشكل مفضوح الاتفاقيات الدولية ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بمعاملة السكان الواقعين تحت الاحتلال ناهيك عن انتهاكها العلني واليومي لحقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة.
ويرى دبيات أن طلبة الجولان يمثلون أنموذجاً وطنياً من خلال الخدمات التي قدموها لذويهم بعد تخرجهم وعودتهم إلى الجولان وخاصة أن معظمهم درس الطب البشري في وقت كانت ولا تزال سلطات الاحتلال ترفض وبشكل قاطع إقامة مشفى أو نقطة طبية في قرى الجولان في إطار الضغط عليهم وإجبارهم على قبول مشاريع المحتل الاستيطانية والتوسعية، منوهاً بأن الوطن فتح أبوابه مشرعة أمام جميع الراغبين من أبناء الجولان لاستكمال تحصيلهم العلمي والتسهيلات التي قدمتها قيادتنا السياسية للطلاب وكل ما يلزم من إقامة مريحة بالمدينة الجامعية وجو دراسي متميز ورواتب شهرية وكتب دراسية مجانية وإعفاء من رسوم الجامعة والتسجيل بالاختصاص الذي يرغبونه في الجامعة بغض النظر عن معدل النجاح والشهادة الثانوية وكل ذلك في إطار دعم الأهل في الجولان وتعزيز صمودهم في وجه الاحتلال وهذا ليس بجديد على الوطن الأم الذي قدم ولا يزال كل وسائل الدعم المادي والمعنوي للجولان الصامد وأبنائه الأوفياء حتى يعود حراً أبياً.
وذكر محافظ القنيطرة أن تسويق التفاح يأتي دعماً للأهل الصامدين في الجولان والذين يؤكدون كل يوم انتماءهم إلى وطنهم الأم سورية حيث إن تسويق تفاح (الجولان) الذي أنتجته ورعته سواعد أهلنا الصامدين يعبر عن وحدة الحال التي تجمع بين أبناء الوطن الواحد ويؤكد أن قضية الجولان ستبقى على رأس الأولويات بالنسبة لكل أبناء سورية، معتبراً أن استلام محصول التفاح ليس المقصود منه وصول سلعة بل له دلالات ومعان كبيرة جداً أولها أنها أحد أساليب ووسائل الدعم التي يقدمها الوطن لأبناء الجولان الصامدين المتشبثين بالأرض وبالهوية العربية السورية في مواجهة الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية من تجريف الأراضي الزراعية واقتلاع أشجار التفاح وسرقة المياه وفرض ضرائب مرتفعة على المزارعين لري المحاصيل الزراعية للتضييق على الأهل في القرى المحتلة وللنيل من مقاومتهم وصمودهم بعد إصرار الأهل على زراعة شجرة التفاح التي تمثل تحدياً لكل أساليب الاحتلال وانتهاكاته الممنهجة.
وأوضح دبيات أن الدولة السورية جاهزة لتسويق منتج الأهل من التفاح بعد أن توقفت ٢٠١٤ بسبب الكيان الصهيوني وعملائه بالمنطقة بعد أن بدأت الحكومة أول مرة لاستجرار التفاح عام 2005 وخلال عامي 2007 و 2008 منعت سلطات الاحتلال عملية الاستجرار واعتقلت رئيس لجنة تسويق التفاح في الجولان السوري المحتل يوسف شمس، ثم تواصلت عملية التسويق في عامي 2009 و2010، فيما منعت سلطات الاحتلال العام 2012 استجراره للوطن الأم (سورية)، لتتواصل العملية خلال ٢٠١٣ حيث إن الإنتاج السنوي من التفاح في الجولان السوري المحتل يقدر بنحو /50 - 60/ ألف طن.
وجدد محافظ القنيطرة تأكيده أن الدولة السورية اتخذت كافة الإجراءات لإعادة افتتاح معبر القنيطرة ودخول الطلاب للدراسة بحامعات ومعاهد القطر واستقبال رجال الدين والحالات الإنسانية ولكن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يمانع ويرفض إعادة فتح معبر القنيطرة لسلخ الجولان عن الوطن الأم وعدم إقامة أي شكل من أشكال التواصل بين أبناء الجولان المحتل ووطنهم الأم سورية.

الجولان سوري رغم أنف الأعداء
يقول السياسي والباحث بشؤون الجولان يوسف ركاب إن أبناء الجولان رفعوا عبارات (الجولان سوري رغم أنف الأعداء) و (نحن من يقرر هوية الجولان).
وهذا بعض مما رفعه أهلنا في الجولان المحتل من شعارات إلى جانب صور السيد الرئيس بشار الأسد عشية اعتراف ترامب بما سمّي سيادة الكيان الصهيوني على الجولان المحتل وبذلك يكون أهلنا الجولانيون قد أكدوا مرة أخرى انتماءهم إلى الوطن الأم ورسموا معالم العودة الأكيدة والتي لم يشك أهالي الجولان يوماً بأنها قادمة والدليل أنهم أوقدوا شعلة المقاومة ضد المحتل الصهيوني منذ اللحظة الأولى للاحتلال ودفعوا ثمناً لذلك شهداء وجرحى وأسرى ومعاناة طالت الجميع دون استثناء.
ويتابع: يبدو أن المحتل لم يتوقع أن يبقى سكان سوريون في الجولان وهو الذي أرادها أرضاً بلا شعب وقد عمد في سبيل تحقيق هذه الغاية إلى المجازر والقتل والتشريد وهدم البيوت والترحيل القسري بحق من تبقى المواطنين مخالفاً بذلك كل الأعراف والقوانين التي تخص حقوق الإنسان وأهمها أحكام القانون الإنساني الدولي (اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب)
ويشير ركاب إلى أن أهمية الجولان بالنسبة (للإسرائيلي) تأتي بالدرجة الأولى من الناحية العسكرية من حيث الموقع والارتفاع والتي تدعم مشروع العدو بالتوسع والسيطرة، وثانياً فإن الجولان يشكل خزان مياه يغطي ثلث حاجة الكيان إلى المياه، وثالثاً ما يتمتع به الجولان من تنوع مناخي يتبعه تنوع وخصوبة في التربة حيث استقدم الاحتلال مستوطنيه وأقام المستعمرات على الأراضي التي كانت تعود ملكيتها للدولة السورية أو المهجرين من المواطنين السوريين بموجب قانون فرضه المحتل ينص على الاستيلاء على (الأملاك المتروكة) وقد بلغ عدد المستوطنات على أرض الجولان ٣٧ مستوطنة تضم حوالي عشرين ألف مستوطن مقابل خمس قرى مأهولة بلغ عدد سكانها حوالي ٢٥ ألف مواطن.
وفي مقابل صمود الجولانيين فقد عمدت سلطات الاحتلال الصهيوني إلى العمل على محاور ثلاثة: بناء المستوطنات وسرقة الموارد من خلال التنقيب عن النفط حيث اعترفت شركة نفط إسرائيلية في العام 2015 بأنها وجدت احتياطياً نفطياً كبيراً في الجولان، وتدمير التاريخ بهدف طمس الهوية السورية من خلال تخريب التعليم فقد تقلص عدد المدارس في الجولان المحتل من 158 مدرسة بمختلف مراحلها إلى بضع مدارس أهلية تفتقر إلى المدرسين حيث عينت سلطات الاحتلال معلمين ممن وصلوا إلى الصف الحادي عشر أو الثاني عشر وأبعدت المعلمين الذين يتمتعون بوعي سياسي عالٍ وألغت المناهج السورية وفرضت مناهج إسرائيلية وأدخلت اللغة العبرية مستعينة بجنود إسرائيليين لتدريسها تمهيداً لضم الجولان وإلحاقه بالكيان العبري عبر تشويه الوعي والذاكرة الجمعية لسكان الجولان من خلال تشويه التاريخ وتحويله إلى تاريخ طائفي (كان محط سخرية من قبل الأهالي) وكذلك تهميش اللغة العربية ناهيك عن ضحالة بقية المواد التدريسية، لكن الاحتلال فشل في مهمته في السيطرة على التربية والتعليم وتجلى ذلك في إضراب 1982 رفضاً لضم الجولان حيث لعبت المدارس دوراً محورياً في هذه المرحلة، إذا لم تجد كل أنواع التضييق والحصار على كل المستويات في تذويب هوية الجولان السورية بل ظل الأهالي الوطنيون أوفياء للوطن الأم مقاومين منذ اللحظة الأولى حيث بلغ عدد السجناء حوالي ٧٠٠ سجين وصلت أحكام البعض إلى ٣٧ عاماً وعدد الشهداء ٢٠٢ معظمهم أطفال و ٣٢٩ إعاقة دائمة.
وأكد ركاب أن الدولة السورية لم تدخر جهداً في سبيل استرجاع الجولان سواء عن طريق الحرب كما في حرب تشرين التحريرية أم بالمفاوضات التي جرت في تسعينات القرن الماضي برعاية دولية وأفشلها العدو، ولن تتوقف محاولات استرجاع الجولان بكل الطرق والوسائل المتاحة بحسب القيادة السورية على مختلف مستوياتها وكان الدعم متواصل من الدولة السورية عبر كل سنوات الاحتلال في عهد القائد المؤسس حافظ الأسد واستمر في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد من خلال السماح للطلاب بإكمال دراستهم الجامعية في جامعات الوطن والعودة لرفد السكان السوريين بالكوادر العلمية وكذلك استقدام المنتج الزراعي لدعم الفلاح الجولاني عن طريق معبر القنيطرة والذي أغلقته إسرائيل لعدة سنوات بواسطة عملائها من العصابات الإرهابية أثناء الحرب الظالمة على سورية من أجل اطباق الحصار على الأهل في الجولان المحتل، كما صدرت مراسيم رئاسية تقضي باعتبار الموظفين الموجودين تحت الاحتلال على رأس عملهم يتقاضون رواتبهم وكل تلك الخطوات في سبيل دعم صمود الأهل وعدم تمكين الصهاينة من قهرهم واستغلال معاناتهم.

 

معاناة و مأساة
يرى عصام الشعلان مختار قرى الجولان ان جميع ابناء القرى يأملون بأن يتحقق حلمهم و أملهم بزيارة إخوانهم و اهلهم و اقرابائهم لكن سلطات الاحتلال الاسرائيلي ترفض طلباتهم و تمنع الاتصال مع العائلة و المنزل و الأرض و الوطن و هذا انتهاك صارخ و أكبر معاناة و مأساة يعيشها أهالي الجولان ، مؤكداً أن ( إسرائيل ) سعت من خلال سلخ أهل الجولان عن الوطن الأم لتشويه الهوية الوطنية و الثقافة و الذكريات لكن هذا الوضع خلق حالة روحية ما زالت تتحدى و تقاوم الاحتلال في سبيل استرجاع الحقوق المسلوبة و التصدي للانتهاكات الإسرائيلية.
الانتهاكات الإسرائيلية
ويؤكد الشعلان أن الانتهاكات الإسرائيلية مست سكان الجولان حتى من تم تشريدهم و تهجيرهم قسراً عن أراضيهم و قراهم و مزارعهم حيث بلغ تعدادهم نحو 150 ألف نسمة و يصل حالياً لنصف مليون.
كما منعتهم إسرائيل من التواصل مع عائلاتهم و العودة لقراهم و سلبت عقاراتهم الثابتة و المنقولة و وظفتها للاستيطان و الاعمال العسكرية و وضعت كافة موارد ومقدرات الجولان تحت تصرف الاقتصاد الإسرائيلي، منوهاً بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفرض القيود على الوجود العربي بالجولان فهي تمنع السكان الأصليين من تشييد منازلهم فوق أرضهم و تحظر عليهم الامتداد الزراعي محاولة بذلك محاصرة السكان اقتصادياً و التضييق على واقع العمل بدافع الهجرة و هذا ما تراهن عليه .
و كشف مختار قرى الجولان عن معاناة القرى العربية في الجولان المحتل من مستوى منخفض من البنى التحتية وجودتها، فالسكان العرب يعانون جراء انتهاج سلطات الاحتلال لسياسة التضييق العمراني تجاههم، والنقص الخطير الحاصل على صعيد تطوير الأمور الحيوية من حيث وضع الشوارع ومياه الصرف و تطوير بناء المؤسسات التعليمية و الصحية و الثقافية و توفير بنى تحتية للمناطق الصناعية.
كما لجأت سلطات الاحتلال ممثلة بالحاكم العسكري مع بداية العام 1980 إلى فرض الجنسية الإسرائيلية على السكان العرب مستخدمة مختلف طرق و أساليب الإرهاب و التخويف و الضغط المخالفة لأحكام القانون الدولي الإنساني حيث تعمدت حرمان الغالبية العظمى من السكان ممن لم يرتضوا قبول الجنسية الإسرائيلية من مصادر عيشهم و الحد من حريتهم في التنقل و تهديدهم بالفصل من أماكن عملهم و بحرمانهم و أفراد أسرهم من تلقي الخدمات الصحية و الاجتماعية و التعليمية
و اوضح الشعلان أن السياسة (الإسرائيلية) تميزت تجاه الجولان منذ بدء الاحتلال بالعدائية والوحشية، فعزلت مناطق السكان السوريين عن الوطن ، ما انعكس سلبياً على الوضع الحياتي والمعيشي اليومي، كما صادرت الاراضي الزراعية وتم منع الحيوانات من دخولها ما اضطر أصحابها إلى هجر تربية الحيوانات التي كانت أحدى الأعمدة الاقتصادية للسكان العرب، وبذلك نجحت سلطات الاحتلال في القضاء على هذا القطاع الاقتصادي الحيوي الذي اعتاشت منه مئات العائلات في الجولان و بالتالي انعكست هذه السياسات سلبياً على السكان وعلى أوضاعهم المعيشية، فقد تأّثر إنتاجهم الزراعي في مجال الألبان و المحاصيل الحقلية حّتى انتهى كلياً.
و لم يتبق للسكان من قطاع الزراعة تقريباً سوى زراعة الأشجار المثمرة والتي هي الأخرى لم تسلم حتى النهاية ، حيث حولت السلطات (الإسرائيلية) قسماً منها إلى حقول ألغام و طرقات عسكرية.
و أمام ذلك حقق أبناء الجولان انتصاراً تاريخياً على قوات الاحتلال في (معركة الهوية) بالحفاظ على انتمائهم للوطن الأم سورية و للأمة العربية إذ جابه الأهالي سلطات الاحتلال بالإضراب الكبير الذي دام قرابة ستة أشهر احتجاجاً على قرار الكنيست ( الإسرائيلي) ضم الجولان و فرض الجنسية (الإسرائيلية) على سكان القرى العربية السورية المحتلة ، و قد أنتجت تلك المرحلة النضالية (الوثيقة الوطنية) الشهيرة عام 1981 والتي أعلن فيها المواطنون الجولانيون إصرارهم على الانتماء للوطن الأم سورية، في ملحمة نضالية نادرة، إذا قيس عدد أهالي الجولان بضخامة قوات الاحتلال والإجراءات القمعية الوحشية التي طبقتها.

دور المراة بالجولان في مقاومة الاحتلال
تقول هدية ابو زيد شقيقة الشهيد هايل أبو زيد إن المرأه في ظل الاحتلال الإسرائيلي هي المربية و المزارعه و المكافحة و المعلمة في آن واحد ساندت الرجل في كافة مجالات الحياة لمواجهة أخطر عدو عمل جاهداً على سلب هذا الشعب عن وطنه وهويته و ارضه، كما عملت على تربية ابنائها على حب الوطن و زرع القيم الوطنية و خياطة الاعلام و رفعها في المناسبات الوطنية و كانت تقف وجها لوجه مع جيش العدو و تمزق هوياته و تحرقها و كانت شجاعة وقوية ولم تحزن على اعتقال زوجها أو ابنائها بل كانت تدعمهم معنوياً وتتحمل مسؤوليات البيت و الزراعة و العمل.
ففي مجال التعليم حققت نساء الجولان من حيث التعليم الجامعي نسبة عالية جداً في جامعات الوطن و كن يحققن اعلى المستويات وعدد كبير من نساء الجولان قدمن إلى الوطن لنيل العلم و منهن من بقين في الوطن و حرمن من العودة إلى الجولان وبالمقابل عدد من نساء الجولان المقيمين في الوطن تزوجن إلى الجولان و أيضاً حرمن من العودة الى مسقط رأسهن، وازدادت نسبة الطالبات الجامعيات بعد فتح الطريق للتعليم الجامعي في جامعة دمشق بداية التسعينيات، حيث شكلت نسبة الطالبات حوالي 40% من مجموع طلبة الجولان الدارسين في الوطن، في مجالات عديدة كالطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة بشقيها المعماري والإنشائي وفرع الفنون والفنون الجميلة، والآثار والصحافة وعلم النفس الخ.. وتشكل نسبة الخريجات اليوم حوالي 30% من الأكاديميين في الجولان الذين تعلموا في جامعة دمشق ، أما على صعيد المدارس فهناك أكثر من 240 سيدة يعملن في المدارس الابتدائية والإعدادية.
و تتابع أبو زيد: شاركت نساء الجولان مشاركة فعلية في مقاومة الاحتلال، فنشطن عبر خلايا المقاومة السرية في بداية الاحتلال، وفي المظاهرات المناهضة لضم الجولان، وفي الإضراب العام، ومن ثم في جميع أشكال المقاومة السلمية التي تلت واستمرت حتى يومنا هذا.
وقادت إحداهن إحدى خلايا حركة المقاومة الوطنية في الجولان في أوسط العام 1973 ولغاية 1974.
كما شاركت النساء في الجولان في المظاهرات الوطنية، وقمن بتوزيع البصل والحليب على المتظاهرين لمنع تأثير القنابل الغازية الخانقة، وفي 1 نيسان 1982 خلال المعركة ضد قرار الضم ومحاولة فرض الهوية الإسرائيلية، هاجمت بعض النساء سيارات الجيش، واشتبكن مع الجنود، واستطعن قلب سيارة جيب عسكرية و قد جُرح العديد منهن في معركة الهوية و اعتقل العديد من النساء في تلك المواجهات ونذكر بشكل خاص بطولة السيدة بهية الجوهري التي ضربت الحاكم العسكري الإسرائيلي بفردة حذائها خلال إحدى المواجهات.
كما قدمت نساء الجولان اول شهيدة في 8/3/1987 و هي الشهيدة غالية فرحات ، التي استشهدت برصاص قوات الاحتلال اثر مشاركتها بمظاهرة مناهضة للاحتلال في قرية بقعاثا تصدى لها العدو الصهيوني بالرصاص الحي ، كما تعتبر الأسيرة المناضلة آمال مصطفى محمود من بلدة مجدل شمس المحتلة أول أسيرة عربية سورية تحكم عليها سلطات الاحتلال بالسجن لمدة خمس سنوات ، و هناك اكثر من 75 امرأة من الجولان تعرضن للاعتقال أو التحقيق إحداهن استدعيت لأول مرة للتحقيق عندما كان عمرها 11 سنة !
وقد عايشت تلك النساء تجربة التحقيق في أقبية أجهزة الاستخبارات «الإسرائيلية» - الشابك- ومعظمهن تعرضن إلى الابتزاز والضرب او الإهانات والغرامات والاعتقال المنزلي ، بسبب ضلوعهن في أعمال المقاومة أو لتهديد أقرباء لهن من خلايا المقاومة ، والضغط عليهم لانتزاع اعترافات..
و تعرضت معلمات عديدات من الجولان للفصل من عملهن من المدارس بسبب مواقفهن الوطنية كما أغلقت سلطات الاحتلال عدد من دور الحضانة التي قامت بتأسيسها نساء الجولان .
و اما عن أمهات الاسرى و الشهداء فلهن حكايات طويلة في المعاناة و القهر فالتي انتظرت ابنها طويلا في الأسر عاد لها شهيدا كأم الشهيد هايل حسين ابو زيد و الشهيد سيطان نمر الولي و الام التي توفت قبل أن ترى ابنها الأسير كالسيدة أم فخري المقت والسيدة أم مبين والدة الأسير عاصم الولي وغيرهم ، و ما زالت الام الجولانيه تناضل للحفاظ على هويتها السورية حتى عودة الجولان لحضن الوطن الام .
و تقول ابو زيد لقد تجلى نضال المرأة في الحفاظ على الهوية الوطنية و التشبث بالأرض عبر وقوفها جنبا إلى جنب مع الرجل لكسب لقمة العيش و مساندته في تدعيم الحصن العائلي و الاجتماعي و برز دورها في تنشئة الأجيال على تعزيز الانتماء المجتمعي و العائلي للوطن الأم سورية.

التعليم في الجولان
اعتبر حسن حمدي البكر عضو فرع نقابة المعلمين بالقنيطرة و رئيس دائرة التوجيه و المناهج في تربية القنيطرة الاحتلال الصهيوني من ابشع انواع الاستعمار والذي لم يكتفِ بأحتلال الأرض و تشريد أهلها و طردهم منها بل عمل على اغتصاب الإرادة و الهوية من الأهل الذين تشبثوا بأرضهم ولم يذعنوا لممارسات الاحتلال بالقمع و التشريد و قد طالت هذه الغطرسة الصهيونية قطاع التربية و التعليم، فمنذ الايام الأولى عمدت سلطات الاحتلال إلى عزل المواطن السوري عن الوطن الأم عبر خلق شخصية مشوهه دون انتماء او مشاعر قومية و وطنية و ذلك من خلال التحكم بالمدارس، و يعود ذلك لسبب التهجير القسري لنسبة ٩٥ % من سكان الجولان، ما سهل السيطرة المباشرة على النسبة المتبقية، فقامت سلطات الاحتلال بشطب منهج التعليم السوري واحلال منهج التعليم العربي المفروض على فلسطيني عام ٤٨ و في عام ١٩٧٦ فرض على سكان الجولان المحتل منهجاً تعليمياً خاصاً بهم .
ويتابع بكر: لقد تصدى أهلنا لهذه الهيمنة الصهيونية والتي تجاهل بها الهوية و الثقافة العربية الا ان الدولة لم تذخر جهداً للتصدي لهذا العدوان الفكري والثقافي، فقد أشرفت وزارة التربية على برامج اذاعية و تلفزيونية من شأنها تقديم المنهج التعليم السوري لمد جسور العلم و الحفاظ على الثقافة واللغة والهوية والانتماء الوطني للأم سورية من خلال البرنامج الاذاعي (أرض وجذور) و البرنامج التلفزيوني ( أبناؤنا في الجولان ) ومازالت هذه البرامج تقدم المزيد من المعلومة و الدعم لكافة مراحل التعليم
وأضاف عضو نقابة المعلمين أنه لم تتوان الدولة عن أي جهد في سبيل التواصل مع الاهل في الجولان فقد قامت بالتواصل مع المنظمات الدولية بغية السماح لأبناء الجولان في إتمام الدراسة في جامعات الوطن الأم و بالفرع الذي يرغبون به و نجحت في ذلك و تم عبور المئات منهم للشريط الزائل و المصطنع الذي زرعه الاحتلال، ووصلوا إلى أرض الوطن وقدمت لهم الحكومة المسكن و المأكل و خصصت لهم رواتب و فتحت أبواب الجامعات السورية لهم بغض النظر عن معدل النجاح ، و منذ ذلك التاريخ تخرج العديد منهم وعادوا إلى أرض الجولان المحتل محملين بالعزيمة و الإصرار في مواجهة المحتل بكفاءتهم العلمية فكان منهم الطبيب و المهندس و المدرس و الحقوقي وان هذا الدعم المتواصل من الوطن ليس بجديد فقد قدم و ما زال يقدم كل وسائل الدعم المادي و المعنوي للجولان الصامد و أبنائه الأوفياء حتى يعود حراً أبياً.
إلا أن الاحتلال الذي يتفنن باساليب القهر و الاذلال يواجه هذه الكوادر بعدم فسح المجال أمامهم بممارسة العمل ضمن اختصاصاتهم لوضع شروط ومعايير قاسية لمعادلة شهاداتهم العلمية التي حصلوا عليها من جامعات الوطن الأم، إلا أن أبناءنا يسطرون انموذحاً آخر من التصدي و المواجهة للاحتلال وعدم الاذعان لمطالبه و مارس الخريجون اختصاصاتهم ضمن مؤسسات ابتكروها لتقديم الخدمات الطبية و التعليمية لأهلهم واختتم بكر تأكيده أن الجولان قطعة عزيزة و غالية علينا جميعاً و سنبقى متمسكون بعروبته و هويته السورية و سنتصدى للاحتلال بكل ما نملك من قوة

افتعال الحرائق بالجولان
يقول مدير البيئة بالقنيطرة علي ابراهيم انه و في إطار ممارساتها التعسفية و الوحشية المتواصلة بحق الجولان السوري المحتل أرضاً و سكاناً تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلية و باستمرار بافتعال الحرائق الكبيرة في الجزء المحتل و على طريق خط وقف اطلاق النار والتي تعد من انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي بحق الجولان و الذي بات عملاً متكرراً و مخالفاً للقرارات و الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ليؤكد ذلك عمق حقد سلطات الاحتلال الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل بكل مقوماته البشرية و البيئية
و أوضح ابراهيم أن قيام سلطات الاحتلال بافتعال الحرائق وعلى طول خط وقف إطلاق النار يهدف إلى تخريب و تدميرالتنوع الحيوي و البيئي في الجولان و أجزاء من محافظة القنيطرة و يأتي ضمن سياسة الاحتلال الاستفزازية و الرامية إلى تدمير و نهب ثرواته من خلال افتعال الحرائق وسرقة المياه و تجريف التربة و اقتلاع الأشجار المثمرة و دفن المخلفات النووية و الضغط على السكان في القرى المأهولة و إلحاق الضرر بالأشجار الحراجية والعشبية، موضحاً أن الحرائق التي تفتعلها سلطات الاحتلال تقضي على الكثير من المساحات الخضراء في بيئة الجولان و على كل أنواع الحياة البرية وتهدد بانقراض الكثير من الحيوانات و النباتات الفريدة فضلاً عن تلويث الهواء.


سرقة مياه الجولان
في اطار انتهاكها المفضوح لجميع المواثيق و المعاهدات و القوانين الدولية تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلية سرقة مياه بحيرات و آبار و انهار الجولان السوري المحتل ومنها بحيرتا طبريا و مسعدة و إقامة السدود على الوديان والمسيلات المائية الغزيرة وحرمان المواطنين السوريين في الجولان المحتل من حقوقهم الطبيعية في استثمار هذه المياه، و تجلت سياسة الاحتلال بفرض الضرائب الباهظة عليهم لاستغلالهم مياه الإمطار التي تنزل على مجمعاتهم المائية في أراضيهم الزراعية و على أسطح المنازل مع اعتقال أي مزارع يماطل أو يرفض دفع هذه الضرائب .
وأشار مدير عام مؤسسة مياه القنيطرة المهندس أمين الشمالي إلى مواصلة الاحتلال انتهاكاته من خلال سرقته مياه بحيرة مسعدة في الجولان المحتل و التي تخزن ما يقارب 7 ملايين متر مكعب، وأشار إلى قيام سلطات الاحتلال بتنفيذ مشروعاتها المائية التعسفية على بحيرة مسعدة عام 1968 للاستفادة من مياهها لصالح المستوطنات التي كانت قيد الإنشاء، و لم تكتف بالمياه بل صادرت مئات الدونمات من الأراضي في جوارها و وضعت يدها في بداية الثمانينات على البحيرة وأصبحت تبيع مياهها لأهالي الجولان المحتل، كما استجرت كميات منها لمصلحة مستوطناتها، الامر الذي تسبب بانخفاض منسوب المياه فيها إلى حوالي نصف متر مكعب لتجفف لاحقاً وتتحول إلى مرتع للحشرات .
و اشار الشمالي الى أن قوات الاحتلال و منذ عدوانها السافر على الأمة العربية عام 1967 قامت و من دون رادع دولي و أخلاقي بالسيطرة على مصادر المياه العربية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط في حوضي نهر الأردن و نهر اليرموك المشترك بين الأردن و سورية و الخزانات الجوفية الضخمة تحت الضفة الغربية بفلسطين و المعروفة بخزان الجبل و بئر الجبل ، مبيناً أن مياه الجولان المحتل تشكل نسبة كبيرة من المياه التي تسرقها سلطات الاحتلال من الأراضي العربية المحتلة وخاصة أن جبل الشيخ ومصادر المياه في الجولان المحتل تعتبر المصدر الرئيسي لمياه نهر الأردن وبحيرة الجليل التي كانت توفرالمياه لكل من سورية والأردن وفلسطين مطلع القرن العشرين.
و طالب مدير مياه القنيطرة المنظمات و المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية في منع سلطات الاحتلال من مواصلة هذه الانتهاكات و سلب الموارد الطبيعية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها المياه في الجولان السوري المحتل ، مبرزاً الانتهاكات الصهيونية بحق الموارد المائية في الجولان، وفي مقدمتها أكثر من مليار متر مكعب سنوياً من مياه الجولان المحتل و استجرارها إلى عمق فلسطين المحتلة لصالح المستوطنين الصهاينة الذين يعيثون فساداً في أراضينا العربية المحتلة، حيث الأطماع الصهيونية بمياه الجولان و فلسطين المحتلة قبل إقامة كيانهم الغاصب من خلال مجموعة من المشروعات المائية التي تؤكد نواياها المبيتة بحق مياهنا وأراضينا و منها تجفيف بحيرة الحولة و مشاريع روتنبرغ لاستخدام مياه نهري الأردن و اليرموك عام 1927 و يونيديدس عام 1938 لدراسة المياه في فلسطين و مشروع لادور ميلك عام 1944 لدراسة الموارد المائية في فلسطين و إمكانية استخدامها و مشروع هيز عام 1946 و بعد عام 1948 أعدت دراسات و مشاريع لاقتسام وتنظيم استخدام نهر الأردن وحوضه أهمها مشروع جونستون عام 1955 حيث قامت بنقل جزء كبير من مياه نهر الأردن إلى صحراء النقب.
و الملاحظ الصمت الدولي إزاء الانتهاكات الصهيونية المتواصلة لمياه الجولان و الأراضي العربية المحتلة و عدم التحرك السريع و ردع الاحتلال وإرغامه على الامتثال للقرارات الدولية ذات الصلة.

مواصلة بناء المستوطنات
بدأ الاستيطان الصهيوني على أرض الجولان السوري المحتل بعد شهر من بداية عدوان حزيران عام 1967 اذ شيدت أول مستوطنة صهيونية غرب مدينة القنيطرة بـ 5 كلم باسم ( ماروم جولان ) مكان قرية عين الزيوان على سفوح تل أبو الندى لكن تم نقلها إلى الطرف الآخر من الجبل حيث مكانها اليوم في منطقة الشعاف تحت نفس الاسم و يعتبر الإرهابي موشيه دايان وزير الحرب الإسرائيلي أواخر ستينيات القرن الماضي صاحب فكرة الاستيطان و بناء المستوطنات في الجولان المحتل .
و يشير الدكتور خالد الفياض الباحث بشؤون الجولان الى توزع غالبية المستوطنات الإسرائيلية و عددها يزيد على 37 مستوطنة في القطاع الأوسط و الجنوبي من الجولان المحتل، فمن بلدة قصرين جنوباً باتجاه بحيرة طبريا نجد ما يقارب 70 بالمئة من المستوطنات و ذلك حسب المصادر الموثقة، مؤكداً أن سلطات الاحتلال تركز على القطاعين الأوسط و الجنوبي في بناء مستوطناتها نظراً لكون المنطقة في القسم الشمالي من الجولان جبلية و وعرة و ليست صالحة بشكل كبير للزراعة و غيرها مثل القطاع الجنوبي المتاخم لبحيرة طبريا التي تستغل مياهها والمسيلات والأنهار التي تصب فيها.
و لفت الفياض الى أن سلطات الاحتلال و المستوطنون يستثمرون ٨٠ ألف دونم زراعياً و ٤٥٠ ألف دونم مراعي من أراضي القطاعين الأوسط و الجنوبي و التي تحتاج إلى 30 مليون متر مكعب سنوياً لهذه الأراضي حيث تزرع أشجار مثمرة منها حمضيات و تمور و عنب و موز و تفاح و كرز فضلا عن القطن و البطيخ و الذرة و غيرها مع بناء حظائر للمواشي لصالح المستوطنين، فيها ستة آلاف رأس بقر و نحو 20 ألف رأس غنم في المراعي يستفيد منها أكثر من عشرين ألف مستوطن صهيوني في الجولان و بذلك تكون السلطات المحتلة قد قامت بنهب خيرات الجولان المحتل و وزعتها على مستوطنيها لجذب أكبر عدد منهم .
و أكد ما قامت به الجرافات الاسرائيلية بتدمير كل القرى السورية المحتلة و التي تم تهجير سكانها بالقوة و كل ذلك لإلغاء أي أثر لسكان عرب كانوا موجودين على هذه الأرض وتغيير معالم القرية وبناء مستوطنات جديدة مكانها تحت أسماء عبرية، مشيراً بذلك إلى أسماء عدد من المستوطنات وأسماء القرى العربية التي دمرت ومنها مستوطنة الروم بدلاً من اسم قرية عين الحجل و مستوطنة نفيه اتيف التي شيدت على أنقاض قرية جباثا الزيت و مستوطنة مروم جولان بدلاً من قرية باب الهوى و مستوطنة شاعال على أنقاض قرية قرحتا السورية المحتلة وغيرها .
وبذلك تكون سلطات الاحتلال قد شوهت الجغرافيا والتاريخ معاً، فالزائر للجولان لا يرى أثراً لسكان سوريين سوى القرى الخمس الباقية مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية والغجر.
٨٠ حقلاً مزروعاً بالألغام في الجولان
قامت اسرائيل منذ احتلالها الجولان السوري بزرع العديد من حقول الألغام الأرضية بحجة الأمن حيث تنتشر حقول الألغام البالغ عددها حوالي 80 حقلاً في كافة أنحاء الجولان، ما تسبب بمقتل وجرح عشرات الأطفال والبالغين من الجنسين نتيجة انفجار الألغام بهم و هنالك 11 امرأة جولانية من ضحايا الرصاص والألغام الإسرائيلي في الجولان المحتل .
وقال الدكتور عمر اللهيبي وهو الرئيس السابق للجمعية العامة لرعاية و تأهيل المصابين بالألغام إن أهلنا في الجولان المحتل و أهالي محافظة القنيطرة المحررة يعانون من مشكلة مزمنة تتجلى في حقول الألغام التي زرعها جيش الاحتلال الإسرائيلي حول القرى و المزارع و الحقول و التي تشكل مصدراً دائماً للخطر يهدد حياة الأهالي و أطفالهم و يمنعهم من استخدام أراضيهم منذ أكثر من خمسين عاماً ضمن سياستها العدوانية على الجولان أرضاً و شعباً.
وأضاف: يوجد في المنطقة اكثر من مليون ونصف لغم و عندما زرعت اسرائيل ألغاماً قامت بتوزيعها على كامل الجولان و بأعماق مختلفة وأنواع مختلفة منها المضاد للاشخاص او للدبابات وحتى تلك التي تكون على أشكال لعب او أجهزة أخرى.
و بيّن اللهيبي الذي أنفجر به لغم أفقده بصره في الثمانينات ان ضحايا الالغام وصل عددهم إلى اكثر من ٢٢٥ شهيداً و٧٢٠ مصاباً بعاهات دائمة كانت معظمها بتراً في الأطراف وتشوهاً في الوجه و حروقاً وكف بصر، منذ ان وضعت حرب تشرين ١٩٧٣ اوزارها .
و طالب اللهيبي جميع المنظمات الإنسانية و الحقوقية الدولية المعنية برفع شكوى ضد الاحتلال الإسرائيلي للاعتراف بأعداد الألغام التي زرعها في الجولان المحتل و المحرر وتسليم خرائط أماكن وجودها وتوزعها للحكومة السورية .

 

الخاتمة
إن أبناء الجولان العربي السوري لم يستسلموا لسلطات الاحتلال الاسرائيلي يوما بل سجلوا بمواقفهم الرافضة للاحتلال تاريخاً مشرفاً يعتز به كل عربي و ما زلنا نذكر موقفهم البطولي العظيم عندما تماسكوا في مواجهة قرار سلطات الاحتلال الصهيوني و الصادر في آب 1980 و الذي ينص على إعطاء أهالي الجولان العرب هويات اسرائيلية تمهيداً لتهويد الجولان وأسرلته و محو صفته العربية، فقد قابل اهالي الجولان العرب هذا القرار بالرفض وأعلنوا تمسكهم بعروبة هويتهم و عروبة أرضهم و في 14/2/1982 أعلنوا إضراباً عاماً مفتوحاً استمر لمدة ستة أشهر، وقاموا بحرق الهويات التي حاولت سلطات الاحتلال إجبارهم على اقتنائها و استمر التحدي الشعبي امام النهج الصهيوني العدواني و ما زال النضال مستمراً رغم الاعتقالات وهدم المنازل و مصادرة الاراضي لبناء المستوطنات عليها، تنفيذاً للاطماع الصهيونيه .
و تبقى هناك حقيقة لا يمكن تغييرها أبداً و هي إن الجولان أرض سورية محتلة من قبل الكيان الصهيوني و هو إحتلال غاشم ينتهك جميع القوانين و الأعراف الدولية و مبادئ السيادة لدى الدول، ولابد من استعادتها بكل الوسائل الممكنة و حتى العسكرية منها .
وفي سورية ليس لدينا شك بأن الجولان عائد إلى حضن الوطن كما الطير يعود إلى عشه هكذا يقول التاريخ و هكذا يقول المنطق و هذا الاستعمار الذي هو آخر استعمار في العالم مصيره إلى زوال بهمة و إرادة و تصميم شعبنا و جيشنا و قائدنا السيد الرئيس بشار الاسد.

القنيطرة - خالد الخالد

#شارك