"سوسيتا" حارسة الجولان!!

2019-08-03 13:24:15

في موقع استراتيجي هام غربي "فيق" وشرق بحيرة طبرية بنيت "سوسيتا او هيبوس" في القرن الثاني قبل الميلاد. وبعد التطور الذي لحق بهذه المدينة أصبحت من المدن العشر "الديكابولوس" وهي مدن ذات طابع ثقافي إغريقي.
"هيبوس" الإغريقية أو "سوسيتا" الآرامية، هي لفظة لدلالة واحدة تعني الحصان، وقد أخذت اسمها كما ورد في "المرجع في الجولان"، من ظاهرة جغرافية طبعت المكان بطابعها الخاص، حيث أن الموقع يبدو من الزاوية اليمنى كرأس حصان وعنقه، وفي الجانب الشرقي يوجد جرف جبلي مقوس على شكل سرج الحصان ويعرف بسرج "سوسيتا". ومن هنا أطلق عليها العامة اسم "قلعة الحصن". ومفردها حصان؟
في العصر البيزنطي والروماني أخذت المدينة ترتدي الهوية المسيحية، وكانت هذه المدينة ذات قداسة خاصة حيث يعتقد أنها كانت آخر مدينة يطأها السيد المسيح في جولته على مدن الـ"ديكابوليس"، والتي كان فيها معجزة إطعام خمسة آلاف إنسان.. هذا الطابع المسيحي تجلى ببناء الكنائس الأربعة التي تم ذكرها  "البلاذري في فتوح البلدان". وأشار ابن "خرداذبة"، إلى أنها كانت كورة، والكورة اليوم تعني الإقليم. وهذا يؤكد أنها كانت مركزاً لإقليم استمد اسمها. وتقول المراجع أنه قد شيد للمدينة ميناء صغير على شواطئ البحيرة لغرض الصيد والتنقل من وإلى الاماكن الواقعة على محيط البحيرة في ذلك الوقت، وقد شيد الميناء إبان انضمام المدينة ل الـ(ديكابولوس) وهو اتحاد المدن العشرة ذات الطابع الثقافي الإغريقي.

تعتبر "سوسيتا" من المناطق الغنية بآثارها المعمارية والتحف الفنية، وكل عصر ترك فيها من روحه الثقافية الشيء الكثير، حيث يقف آثار هيكلين وثنيين يحملان طابع الهندسة المعمارية الـ"هلنستية" أحدهما يوناني والآخر روماني. أما الكنائس الأربع فقد بينت في العصر البيزنطي ومنها الكنيسة الملكية جنوب شرق المدينة. وكنيسة شمال غرب، وأخرى شمال شرق. وجميع كنائسها تأخذ الطابع المعماري البيزنطي.
ومن آثارها كذلك التي تؤكد التطور والازدهار الذي شهدته هذه المدينة، ساحة مركزية مرصوفة بأحجار بازلتية واعمدة نصبت على قواعد رخامية، مما يعني أنها كانت مزدهرة اقتصاديا وشهدت عملية تبادل تجاري مع المدن المحيطة، حيث تم جلب الرخام من مناطق أخرى.
ومن الآثار التي وجدت في المدينة قطع نقدية تعود للعصر الـ"هيلنستي" والروماني والبيزنطي والأموري، وأقدم قطعة تم سكها عام 285 قبل الميلاد. وأحدث قطعة مسكوكة كانت في طبريا عام 734 ميلادية.
ويؤكد الباحثون أن هذه المدينة بنيت وفق مخطط هندسي فريد، وأنها شهدت معضلة مائية قامت بحلها عبر أحواض التخزين لتوفير الماء اللازم،  ففيها بقايا من بركة كبيرة وأخرى صغيرة.  وهي مدينة ذات أفق علمي، وقد استشف الباحثون ذلك من طريقة حلهم لمعضلة نقص المياه، حيث تبين لهم أن سكانها كانوا يعرفون جيدا بـ "طبوغرافية" الأرض المحيطة، حيث جلبوا الماء من أعالي وادي العال على امتداد 25 كم، عن طريق نحت قناة في الصخور وتركيب حجارة بازلتية كجوفة قابلة للوصل في أجزاء أخرى. وفتحت فتحات دائرية في القناة من أجل التهوية. وهذا يذكرنا بزنوبيا وجر المياه من عين الفيجة إلى تدمر. إنه الإنسان السوري، حيث وجد كان الإبداع والحضارة والرقي والازدهار.

 

 

#شارك