يقع الجولان في الجزء الجنوبي الغربي من الجمهورية العربية السورية، بين درجتي عرض (32-33) أي ضمن النطاق شبه المداري. وتعد أحد أقاليم المنطقة الجنوبية الغربية في التقسيم الجغرافي للجمهورية العربية السورية التي تضم الجولان، وحوران وجبل العرب وحوض دمشق. تبلغ مساحته 1860 كم2، أي 1% من مساحة الجمهورية العربية السورية.
الحدود:
يطل الجولان غرباً على بحيرة طبرية وسهل الحولة في الجليل، أما شرقًا فيشكل وادي الرقاد القادم من الشمال بالقرب من طرنجة، باتجاه الجنوب حتى مصبه في نهر اليرموك حداً عرف بأنه يفصل بين الجولان وبين سهول حوران وريف دمشق. من جهة الشمال يشكل مجرى وادي سعار ــ عند سفوح جبل الشيخ ــ الحدود الشمالية للجولان مع لبنان، حيث تمتد بين بانياس ــ منابع نهر الأردن ــ حتى أعالي وادي الرقاد جهة الشرق. الحدود الجنوبية يشكلها المجرى المتعرج لنهر اليرموك والفاصل بين الجولان وهضبة عجلون في الأردن. في إطار هذه الحدود يكتسب الجولان شكلاً طوليا ممتداً من الشمال إلى الجنوب مسافة 75-80 كم. وبعرض يصل إلى 18-28 كم
معنى التسمية..
لم يعد اسم الجولان يبحث عنه لغويا فقط، فقد نال هذا الاسم الحظ الوفير من اهتمام الكتاب والباحثين العرب والأجانب، وذلك منذ بدايات الصراع العربي الصهيوني، ذلك أن الصهاينة حاولوا إعادة التسمية إلى أصل عبري وتوظيف هذا الاصل في دعم الادعاءات الصهيونية بالحق التاريخي لهم في هذه الأرض العربية ترابا وسكانا وجذور. والجولان من حيث المعنى ذو دلالات جغرافية نابعة من طبيعة المنطقة ذات المرتفعات والتلول وما يصاحبها من عوامل طبيعية خاصة مسألة الرياح، لها دلالات لغوية تتقاطع مع هذا المعنى ولكنها تذهب أبعد من ذلك.
فالجولان لغويا هو اسم مشتق من (جال- يجول) في اللغة العربية، وهي بمعنى طاف يطوف –دار يدو- كر- يكر، بعد انكشاف التراب والغبار الذي تجول به الرياح. ومعظم الباحثين توجهوا إلى معنى (الغبار تجول به الريح) استنادا إلى الموقع الجغرافي والمعنى اللغوي، حيث يشهد الجولان ظاهرة الرياح المحملة بالغبار خاصة بعد موسم الحصاد.
الجولان في الآارمية (جيلان- جلانا- جولانا) وجذرها الأرامي (جول)، بمعنى التجول والتنقل. والإغريق عندما وصلوا إلى هذه المنطقة أخضعوا الاسم إلى قواعد لغتهم فأصبح اسمه "جولانيتس" وتحول في العصر الروماني إلى "جولانتيد". الدكتور عبدالله الحلو، في تحقيقاته التاريخة لجذور التسميات الجغرافية، يرى أن معنى الجولان لا يختلف عن الجذر الآرامي "جول"، فالجذر العربي هو "جال"، وهما يفيدان معنى التجول والتنقل.
وانطلاقا من مقولة الشعر ديوان العرب، فكم هي كثيرة تلك الأشعار التي ورد فيها اسم الجولان والكثير من مواقعه، منهم النابغة الذبياني من العصر الجاهلي، حيث قال في الحارث الغساني:
بكى حارث الجولان من فقد ربه... وحوران منه موحش متضائل
وفي موقع آخر يذكر مدينة صيدا في الجولان:
حلفت يمينا غير ذي مثنوية... ولا علم إلا حسن ظن بصاحب
لئن كان للقبرين قبر بجلق.... وقبر بصيداء عند حارب
وقال حسان بن ثابت:
بحي حريد أصله وذمار... بجانبه الجولان وسط الأعاجم
وقال أيضا:
قد عفا جاسم إلى بيت رأس.. فالجوابي فحارث الجولان
وقال جواس الكلبي:
بجابية الجولان لولا ابن بحدل... هلكت، ولم ينطق لقومك قائل
أما ابن عدي غطيف الكلبي:
أخبرت بالجولان روضا ممرعا... فكان حارثه لهن لواء
لما احتللن حليمة من جاسم... طرح العصي وأدرك الأهواء
الجولان تاريخيا
إن أقدم الوثائق التاريخية التي تشير إلى إقليم الجولان هي مراسلات "العمارنة" التي اكتشفت في قصر الفرعون "امنحوتب الرابع" والتي تعود إلى القرن الرابع (14 ق.م). وحسب ما ورد في كتاب الآثار في الجولان للكاتب عبدالله مرعي السيد، فإن أول إشارة تاريخية لسكن عربي في الجولان، هو ما ورد في الوثائق الآشورية وما ذكره علماء السلالات البشرية فإنهم من سلالات الأسرة العربية التي سكنت الأقطار العربية وضمت المواطنين الرحل وسكان المدن الحضريين وكانت تتكلم لهجة عربية موحدة. كما تفيد المعلومات، بأن الجولان كان جزءا من الدولة الأمورية عام (2250 ) ق.م. وأقيمت فيه تحصينات قوية تحولت فيما بعد إلى كنعانية. كما سكنها الأراميون القادمون من المناطق المجاورة في القرن (18) ق.م. وكان العداء شديدا بين الممالك للسيطرة على طرق التجارة حيث سيطر الآراميون على طرق التجارة من الجولان إلى فلسطين ومصر والبحر الأبيض المتوسط والجزيرة العربية واليمن. كما عرف الجولان الكلدانيون والعرب الأنباط والتدمريون.
الزعم الصهيوني يفنده الكتاب المقدس
حاولت الأوساط الصهيونية الترويج لـ"يهودية" الجولان، فلجأت إلى اللغة العبرية، والرواية التوراتية الدينية، والمراجع اليهودية القديمة، بحثاً عما يمكن أن يشير إلى أصل (يهودي عبري) لاسم الجولان، واستند بعضهم إلى مفردة عبرية، تفيد معنى (الملجأ -المأوى- الملاذ)، وحاول هؤلاء ربط هذا المعنى برواية تاريخية، تتحدث عن لجوء بعض اليهود إلى الجولان في العصر الروماني، غير أن جميع هذه المحاولات أخفقت في التوصل إلى إجابة مقبولة، باعتراف كبار الباحثين الـ"إسرائيليين"، وبقيت آراؤهم مجرد افتراضات، تفتقر إلى أي سند لغوي، أو تاريخي، أو اركيولوجي، ودارت في إطار الأطماع الصهيونية في الجولان. حتى أن أكثر المغالين في مسألة "الحق التاريخي" أكدوا أن الوجود اليهودي في الجولان في العصر الروماني لم يتجاوز ربع قرن من الزمان، وانحصر في جزء صغير من مساحته. كما أن الموسوعة اليهودية تقول أن: " اسم الجولان غير واضح" وتنسب إلى (أ.ج براور) أن هذا الاسم مستمد من "غولاه" التي تعني المنفى، وتدعي أن "غولان في باشان" الواردة في التوراة تتحدث عن مدينة (ملجأ مأوى) وملاذ للمنفيين. كما حاولت المؤسسات الصهيونية إثبات ادعاءاتها بالمعطيات "الأركيوولجية"، وقامت بعمليات مسح وتنقيب في مواقع أثرية في الجولان لتثبت الزعم الصهيوني، لكنها باءت بالفشل. وهذا ما جاء في الكثير من المراجع التي انصبت على دراسة الجولان ومنها: دلالات الهوية العربية في اسم الجولان ـــ عز الدين سطاس ". والمرجع في الجولان لمجموعة من الباحثين السوريين.
والذي لا بد من ذكره في هذا المقام أن الكتاب المقدس يدحض الرواية الصهيونية وادعاءات حقها في الجولان العربي السوري. حيث يشير الكتاب المقدس "الإنجيل"، إلى بعض المواقع في الجولان مثل بيت صيدا وبانياس والكرسي وهي أماكن زارها السيد المسيح والمعجزات التي قام بها في هذه المناطق.
وأخيراً
الجولان أرض عربية سورية، وفق القانون الدولي، فقد احتلت "إسرائيل" معظم أراضيها بعدوان مسلح، الأمر الذي يلزمها بالانسحاب من كامل الجولان المحتل، ويعطي لسورية كامل الحق في استرجاع هذه المنطقة، بالوسائل المتاحة، حقنا في الجولان لا مساومة عليه، فهو جزء لا يتجزأ من الجمهورية العربية السورية، وهو عربي الهوية، اسماً، ومكاناً، تاريخاً وإنساناً.
إعداد وتوثيق هدى مطر