11177 H 27500
هذا الانقلاب المروّع اتخذ شكل الزلزال المدمّر.. والحرب التي عصفت بـ"إسرائيل" كانت قاسيةً عليها، ثم كانت أشدَّ من ذلك دماراً على الإسرائيليين، فقد شهدوا مصرع حلم كبير تهاوي، ورأوا بعد ذلك صورة "إسرائيل" وهي تزول إلى الأبد.
إنها بضع كلمات، لكنها تعبر عن كتب بحالها، وهي شهادة للكاتب الفرنسي "جان كلود" في كتابه "الأيام المؤلفة في إسرائيل"، وهي واحدة من آلاف الشهادات الغربية، التي أقرت بهزيمة الكيان الغاصب في حرب تشرين التحريرية، واعترفت بهول الصدمة التي تلقاها.
تلك الصدمة التي قال عنها الإرهابي "موشيه ديان" ساعة اندلاع الحرب: "هذه حرب صعبة معارك المدرعات فيها قاسية ومعارك الجو فيها مريرة، إنها حرب ثقيلة بأيامها و ثقيلة بدمائها".
بلى، كانت حرب تشرين قاسيةً على العدو، كما أقرّ "ديان" وحكامه أجمعون، ومريرة، وثقيلة بأيامها وبدمائها على مستوطنيه كما اعترف المذكور، لكنها بالمقابل كانت يوم العز والفخر لسورية والعرب، فحررت دمشق جزءاً كبيراً من الجولان المحتل، ورفع بواسلنا العلم السوري في سماء القنيطرة، وحطموا خط آلون الحصين، ودكوا الأسطورة الصهيونية المزعومة بأن الكيان الإسرائيلي لا يقهر، وحرر الأشقاء بمصر سيناء من رجس المحتلين، واجتازوا خط بارليف بمعجزة عسكرية.
كانت انقلاباً سياسياً وعسكرياً في المنطقة والعالم، كما أقر ووثّق هذا الكاتب الفرنسي، لكنها كانت أكبر من الانقلاب، وأبعد من الزلزال، وبنظر كبار المحللين العسكريين والإستراتيجيين في العالم، غربه وشرقه، فالانقلاب الجذري المذكور الذي أحدثته الحرب في خارطة المنطقة السياسية، لم يتوقف عند حدودها، بل وصل صداه إلى خارطة العالم كله وتحالفاته، وإعادة تموضع قواه.
وهذا الانقلاب الجذري الذي أحدثته الحرب مهّد لترسيخ مقولة: إن كيان العدو هو "أوهن من بيوت العنكبوت"، وإن نتائج الحرب العسكرية والسياسية والاقتصادية والجيو إستراتيجية المدوية قلبت مزاجه وخططه ومخططاته وإستراتيجياته، ووقعت كالصاعقة على مراكز أبحاثه ومفكريه، وجعلتهم يبحثون عن مخارج لهزيمتهم ونكستهم ومأزقهم وأزماتهم التالية الناتجة عن الحرب.
وبالمقابل فإن هذا الانقلاب الجذري الذي أحدثته تشرين التحريرية أعاد الثقة لجنودنا بأنفسهم وقوتهم وقدرتهم على الفعل، وتعاملهم الذكي مع وسائط الصراع وأحدث ما أنتجته مصانع الأسلحة والتكنولوجيا الجديدة.
وفوق هذا وذاك رسخ هذا الانقلاب المقولة الخالدة بأن إرادة شعبنا الصلبة والمقاومة لا تعرف في لحظات المعارك المشرفة التراجع أو الانكسار أو الخوف والوجل، وبفضل هذه الإرادة ينتصر شعبنا اليوم على الإرهاب ومشغليه على مدى عقد ونيف من الحرب العدوانية الظالمة والحصار الجائر.
وسيبقى شعبنا وجيشنا وقيادتنا يستلهمون معاني حرب تشرين المظفرة، وأولها أن أصحاب الأرض والحق منتصرون لا محالة، وأن الكيان الإسرائيلي زائل، وأن الشعب الذي انتصر في تشرين سيحرر الجولان، وسيطرد الأتراك والأميركيين وأدواتهم الإرهابية من الجزيرة والشمال، مهما بلغت التضحيات.
أحمد حمادة - صحيفة الثورة